وقد أمر بالاعتصام بحبله وهو دينه وكتابه أمرًا عامًّا لجميع المكلفين وسائر المخاطبين، لأن التقوى والتزام الإسلام يتوقف على ذلك؛ ولا يحصل المقصود منه إلا بالاعتصام بحبل الله وترك التفرق والاختلاف؛ لما فيهما من فساد الدين وهدم أصوله وقواعده. ثم ذَكَّرَهم بنعمته عليهم بتأليف قلوبهم واجتماعها بعد العداوة والبغضاء، فإن التفرق والاختلاف عذاب وهلاك وشقوة في العاجل والآجل، والجماعة والائتلاف رحمة وسعادة ونعيم في العاجل والآجل. وأخبرهم أنهم كانوا على شفا حفرة من النار بما كانوا عليه من الضلالة والجاهلية، فامتَنَّ عليهم وأنقذهم واجتباهم وهداهم، وجمع قلوبهم وشملهم بعد الفرقة والشتات، وأعزهم وأغناهم بعد الفقر والحاجات، فيا لها من نعم ما أجلّها‍! ومواهب ما أعظمها وأبرها، لمن عقلها وشكرها! ‍ ولذلك ختم الآية بقوله: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} 1: فيه بيان الحكمة المقتضية لبيان الآيات والتذكير بالنعم، وأن المراد بها حصول الاهتداء، وترك أسباب الشقاء والردى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015