ويوضحوا لهم وجه الإصابة فيما اختاروه وارتضوه. وكان الواجب على من عنده علم أن ينصح الأمة وينصح أولا لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، ويكرر الحجة، وينظر في الدليل ويرشد الجاهل ويهدي الضال، بحسن البيان وتقرير صواب المقال؛ لكنهم أحجموا عن ذلك كله، ولم يلتفتوا إلى المُحَاقَّة والله هو ولي الهداية، الحافظُ الواقي من موجبات الجهل والغواية. وقد أوجب الله البيانَ وتركَ الكتمان، وأخذ الميثاق على ذلك على من عنده علم وبرهان؛ هذه صورة الأمر وحقيقة الحال، وقد عرفتموه أولا وآخرا في المُكَاتَبَات الوَارِدَة عليكم؛ فلا يلتبس عليك الحال، ولا يشتبه سبيل الهدى بالجهل والضلال، واذكر قوله: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً} 1.
إذا رضي الحبيب فلا أبالي ... أقام الحي أم جد الرحيل
وأما الصلح بين المسلمين فهو من واجبات الإيمان والدين، ولكن يحتاج إلى قوة وبصيرة يحصل بها نفوذ ذلك والإجبار عليه؛ فإن وجدت إلى ذلك سبيلا فاذكره لي أولا، ولا تألو جهدا -إن شاء الله- فيما يكف الفتن، ويصلح به بين المسلمين، وأسأل الله أن يمن بذلك، ويوفق لما هنالك، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.