مَكِينٌ يحسن الدخول في الأمر والخروج. وما ذكرت من جهة ما يلقى إليك من الخطوط، فلا بأس بإرسالها إليَّ، وأما ما كتبت في هذه المحنة من الشبه، فقد عرفت أن الفتنة بالمشركين فتنة عظيمة وداهية عمياء ذميمة لا تبقي من الإسلام ولا تذر، لا سيما في هذا الزمان الذي فشا فيه الجهل وقُبِضَ فيه العلم، وتوافرتْ أسباب الفتن وغلب الهوى، وانطمست أعلام السنن، وابتُلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا، وعند ذلك: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} وقد شاع ما الناس فيه من الخوض والمراء والاضطراب، والإعراض عن منهج السنة والكتاب، ومال الأكثرون إلى موالاة عُبَّاد الأصنام، والفرح بظهورهم والانحياز إلى حماهم، وتفضيل من يتولاهم، "وحُبُّك الشيءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ". وقد صدر من الشيخ محمد بن عجلان رسالة، ما ظننتها تصدر من ذي عقل وفهم، فضلا عن ذي الفقه والعلم، وقد نبَّهت على ما فيها من الخطأ الواضح، والجهل الفاضح، وكتمت عن الناس أول نسخة وردت علينا حذرًا من إفشائها وإشاعتها بين العامة والغوغاء. ولكنها فشت في الخرج والفرع، وجاء منها نسخة إلى بلدتنا، وافتُتِنَ بها مَن غلب عليه الهوى، وضل عن سبيل الرشاد والهدى: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} وأخبرت من يجالسني أن جميع ما فيها من النقول الصحيحة والآثار حجة على منشيها، تهدم ما بناه مبديها، وأنه وضع النصوص في غير موضعها ولم يُعْطِ القوسَ باريها. وبلغني عن الشيخ حمد أنه أنكر واشتد نكيره، ورأيت له خَطّا أرسله إلى بعض الإخوان بأن ما كتبه ابن عجلان