عماء، ما فوقه هواء، وما تحته هواء" 1 انتهى الحديث. فهذا جواب مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد قبله الحفاظ، وصححوه، والعماء هو السحاب الكثيف. قال يزيد بن هارون إمام أهل اليمن من أكابر الطبقة الثالثة من طبقات التابعين، ومن سادتهم: معناه ليس معه شيء. وأما قول السائل:2 ... وفي زعم هذا القائل أنه بذلك ينبغي حاجة الرب إلى العرش؛ فيقال: ليس في إثبات الاستواء على العرش ما يوجب الحاجة إليه أو فقر الرب –تبارك وتعالى- إلى شيء من خلقه؛ فإنه -سبحانه تعالى وتقدس- هو الغني بذاته عما سواه، وغناه من لوازم ذاته. والمخلوقات بأسرها، العرش فما دونه، فقيرة محتاجة إليه -تعالى- في إيجادها وفي قيامها لأنه لا قيام لها إلا بأمره، قال - تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ} 3. والسماء اسم لما علا وارتفع، فهو اسم جنس يقع على العرش، قال - تعالى-: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} 4 الآية، وبحوله وقوته حمل العرش، وحمل حملة العرش، وهو الذي {يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا} 5 الآية6، وجميع المخلوقات مشتركون في الفقر والحاجة إلى بارئهم وفاطرهم. وقد قرر –سبحانه- كمال غناه، وفقر عباده إليه في مواضع من كتابه، واستدل بكمال غناه المستلزم لأحديته في الرد على النصارى، وإبطال ما قالوه من الإفك العظيم والشرك الوخيم، قال –تعالى-: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ} 7 الآية. وكمال غناه يستلزم نفي الصاحبة والولد، ونفي الحاجة إلى جميع المخلوقات. ولا