أمّ المؤمنين ـ رضي الله عنهما ـ وعند الحنابلة أنّه إن أتَمّ في سفر جاز ولم يكره وعلى هذا فلا ينكر على مَن أتَمّ الصّلاة، والقصر أفضل.
لكن قد يحصل مع الغزاة1 تردد في قصد الولاة بالغزو، ولأنّه ربما غلب عليهم إرادة الملك والعلو وإرادة الدّنيا والثّناء والعزّ فيكون جهاده عليه لا له كما في الحديث أنّ النَّبِيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ سأله رجل فقال يا رسول الله الرّجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله؟ قال: "مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو سبيل الله".
وفي حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ في الثّلاثة الذين أوّل مّن تسعر بهم جهنم: يقال للمجاهد إنّما قاتلت ليقال هو جرئ فقد قيل: فيؤمر به إلى النّار، فليكن منك ذلك على بال. قال: قتادة ـ رحمه الله تعالى ـ في قوله تعالى: {فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً} ، [الكهف، من الآية: 34] .قال هذا والله أمنية الفجار كثرة المال وعزّة النفر.
وأمّا إحياء العشر الأواخر من رمضان فهو السّنة لما جاء في حديث عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أيقظ أهله وأحيا ليله وجد وشدّ المئزر.
وفي الحديث الآخر: "مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"، وصحّ أنّ النَّبِيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قام اللّيل كلّه حتى السّحر. إذا عرفت ذلك فلا ينكر قيام العشر الأواخر إلاّ جاهل لا يعرف السّنة.