بعد أخرى، ولما أخرجه النّسائي وغيره أنّ رجلاً طلّق امرأته ثلاثاً بكلمةٍ واحدةٍ، فذكر ذلك لرسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فغضب وقال: " أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ ".الحديث.
وأمّا كونها تلزم وتقع ثلاثاً فالذي عليه جمهور الصّحابة فَمَن بعدهم أنّها تقع ثلاثاً كما أمضاه عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ في خلافته، وتبعه على ذلك جمهور الصّحابة والتّابعين لهم بإحسانٍ من الأئمة الأربعة وغيرهم. والأدلّة على ذلك مذكورة في كتب الفقه، وشرح الحديث. وأجابوا عن حجج القائلين بعدم الوقوع وأنّها لا تقع إلاّ واحدة بأجوبةٍ كثيرةٍ ليس هذا موضع ذكرها.
وأمّا تعليق الطّلاق فالذي عليه أكثر أهل العلم أنّه إذا علّقه على شرطٍ ووجد الشّرط وقع، وفرّق الشّيخ تقيّ الدّين وغيره من أهل العلم في ذلك فقالوا: إن كان قصده وقوع الطّلاق كما يقول: إن زنيت فأنتِ طالق، وإن سرقت فأنتِ طالق، وقع وإن كان قصده الحضّ والمنع للمرأة أو لنفسه عن فعل الشّرط وليس قصده وقوع الطّلاق لم تطلق المرأة بذلك ويكون يميناً مكفِّرة نظراً إلى كونه إنّما قصد بذلك الحلف والحضّ والمنع لا وقوع طلاقٍ، وهذا الذي يختاره شيخنا ـ رحمه الله ـ ويفتي به. والله أعلم.
وأمّا إذا تزوّج المرأة في العدّة أو بعقدٍ فاسدٍ وفسخ النّكاح، فإن كان الفاعل لذلك جاهلاً فإنّه يجوز له نكاحها إذا انقضت عدّتها بعقدٍ جديدٍ برضاء المرأة والولي، وإن كان فاعل ذلك عارفاً بالتّحريم، فإنّه يفرّق بينهما ولا تحلّ له أبداً كما ذكر ذلك عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ. والله أعلم.
وأمّا عدّة الحائض فثلاث حيضات سواء كان ذلك طلاقاً أو فسخاً. هذا الذي عليه جمهور العلماء. والله سبحانه وتعالى أعلم.