فالجواب: أنّ ذلك صحيح إذ لا مانع منه وقد نصّ على ذلك الفقهاء في (باب الوكالة) ، ولا يدخل ذلك في النّهي عن بيع الطّعام قبل قبضه؛ لأنّ هذا قبض صحيح؛ لأنّ قبض وكيله كقبضه. وهذه وكالة صحيحة، ولا يقدح في ذلك كون الوكيل يتولّى طرفي العقد.
والمسألة الرّابعة: فيمَن قال: عليَّ الطّلاق لأفعلن كذا، ثم حنث وله زوجة ما الحكم؟
فالجواب: أنّ هذه المسألة، الخلاف فيها مشهور بين السّلف والخلف، وفيها روايتان عن أحمد:
إحداهما: تطلق ثلاثاً، صحّحه في التّصحيح. قال في الرّوضة: هو قول جمهور أصحابنا؛ لأنّ الألف واللام للاستغراق، فتقتضي استغراق الكلّ وهو ثلاث.
والرّواية الثّانية: لا تطلق إلاّ واحدة، وهو المذهب؛ لأنّه يحتمل أن تعود الألف واللام إلى معهود يريد الطّلاق الذي أوقعته.
قال الموفّق: والأشبه في هذا جميعاً أن يكون واحدةً في حال الإطلاق؛ لأنّ أهل العرف لا يعتقدونه ثلاثاً، ولهذا ينكر أحدهم أن يكون طلق ثلاثاً، ولا يعتقد إلاّ أنّه طلق واحدة. انتهى.
وإنّما الرّوايتان عن أحمد، إذا قال ذلك وأطلق ولم ينو شيئاً، فإن نوى ثلاثاً فإنّه يقع به ثلاث طلقات. وأمّا الشّيخ تقيّ الدّين فإنّه فرّق بين أن يقصد الحالف إيقاع الطّلاق أو لا يقصد، فإن كان يكره وقوع الجزاء ولكنه علقه على شرط ليحثّ نفسه على فعل شيءٍ أو تركه، فهذا يكون عنده من باب الأيمان، وتكون كفارته كفارة يمينٍ، وإن كان يقصد إيقاع الطّلاق ولا يكره وقوع الجزاء فهذا إذا وقع الجزاء وقع عليه الطّلاق.