الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال: " مَن حلف بغير الله فقد أشرك "1.رواه التّرمذي وغيره.
وأمّا كونه يعذر بالجهل فالظّاهر أنّ الذي يجهل مثل ذلك يعذر بالجهل؛ لأنّ الشّرائع لا تلزم إلاّ بعد بلوغ الرّسالة، ولا يعذّب الله أحداً إلاّ بعد بلوغ الرّسالة، كما قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} ، [الإسراء، من الآية: 15] .
وأمّا سبق لسانه بذلك بعد بلوغه أنّه شرك فهذا لا يضرّه ـ إن شاء الله تعالى ـ إذا تاب واستغفر. وقال: لا إله إلاّ الله، كما ثبت في الصّحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال: " ن حلف فقال في حلفه: واللات، والعزّى، فليقل: لا إله إلاّ الله، ومَن قال لصاحبه: تعال ـقامرك، فليتصدّق" فإذا كان يجري على ألسنة الصّحابة فكيف بغيرهم؟!
وكذلك إذا فعل شيئاً من الشّرك غير الحلف جهلاً منه، وخطأ، فإذا نبّه على ذلك تنبّه وتاب ونزع كما جرى لقوم موسى ـ عليه السّلام ـ، وكما جرى للصّحابة الذين قالوا لرسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ: اجعل لنا ذات أنواطٍ.
وأمّا مَن يفعل ذلك جهلاً لا عناداً، وماتوا عليه قبل أن يبلغهم أنّه شرك، هل يُحكَم بإسلامهم ويُرجَى لهم العفو من الله والمغفرة وينفعهم استغفار الأحياء لهم؟
فهذه المسألة أحسن الأجوبة فيها أن يقال: الله أعلم بهم، كما قال موسى ـ عليه السّلام ـ لما قيل له: {فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} ، [طه، آيتان: 51-52] ؛ وذلك لأنّ مَن بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجّة، {لأُنْذِرَكُمْ بِهِ