أبو داود: سئل أحمد عن رجل باع ثمر نخلة، فقال: عُشْره على الذي باعه، قيل: يخرج تمرا، أو ثمنه قال: إن شاء أخرج تمرا، وإن شاء أخرج من الثمن.
إذا ثبت هذا، فقد قال بكل من الروايتين جماعة، وصار نزاع فيها، فوجب ردها إلى الله والرسول. قال البخاري في صحيحه في أبواب الزكاة (باب العرض في الزكاة) : وقال طاووس: قال معاذ لأهل اليمن: ائتوني بعرض ثياب خَبِيص، أو لبيس في الصدقة مكان الشعير، والذرة أهون عليكم، وخير لأصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- بالمدينة، وقال – صلى الله عليه وسلم-: -"وأما خالد فقد احتبس أدراعه، واعتده في سبيل الله"1 ثم ذكر في الباب أدلة غير هذا، فصار الصحيح أنه يجوز.
واستدلال َمنْ منعه بقوله:"في كل أربعين شاةٍ شاة"2 وأمثاله لا يدل على ما أرادوا لأن المراد هو المقصود وقد حصل كما أنه 3 صلى الله عليه وسلم لما أمر المستجمر بثلاثة أحجار، بل نهى أن ينقص عن ثلاثة أحجار -لم يجمدوا على مجرد اللفظ، بل قالوا: إذا استجمر بحجر واحد له ثلاث شعب أجزأه ولهذا نظائر أنه يؤمر بالشيء فإذا جاء مثله، أو أبلغ منه أجزأ.
المضاربة بالعروض
(وأما المسألة الثانية) : فعن أحمد أن المضاربة لا تصح بالعروض، واختاره جماعة، ولم يذكروا على ذلك حجة شرعية نعلمها، وعن أحمد: أنه يجوز، وتُجعل قيمة العروض وقت العقد رأس المال.
قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يُسأل عن المضاربة بالمتاع؛ فقال: جائز، واختاره جماعة، وهو الصحيح، لأن القاعدة في المعاملات: أن لا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله، لقوله:"وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان، فلا تبحثوا عنها".