بسم الله الرحمن الرحيم
أخبرنا شيخنا الإمام بهاء الدين أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد المقدسي قال: أخبرنا الشيخ أبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن محمد بن شاتيل قراءة عليه في يوم الأحد العشرين من ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وخمسمئة، قيل له: أخبركم أبو القاسم علي بن الحسين الربعي قراءة عليه وأنت تسمع في شهر ربيع الأول سنة خمسمئة، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد البزاز قراءة عليه، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الدَّقَّاقُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ السماك إملاء من لفظه يوم الجمعة بعد الصلاة لثلاث خلون من رجب سنة أربعين وثلاثمئة قال:
339 - (1) حدثنا أحمد بن عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الأَوْدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَمَّا مَاتَتْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ جَاءَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا تَزَوَّجُ! قَالَ: وَمَنْ؟ قَالَتْ: إِنْ شِئْتَ بِكْرًا وَإِنْ شِئْتَ ثَيِّبًا، قَالَ: وَمَنِ الْبِكْرُ وَمَنِ الثَّيِّبُ؟ قَالَتْ: أَمَّا -[266]- الْبِكْرُ فَابْنَةُ أَحَبِّ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَيْكَ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، آمَنَتْ بِكَ وَاتَّبَعَتْكَ، قَالَ: فَاذْكُرِيهِمَا عَلَيٍّ. قَالَتْ: فَأَتَيْتُ أُمَّ رُومَانَ فَقُلْتُ: يَا أُمَّ رُومَانَ، وَمَاذَا أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، قَالَتْ: وَذَاكَ مَاذَا؟ قَالَتْ: رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ عَائِشَةَ، قَالَتْ: انْتَظِرِي فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ آتٍ، قَالَتْ: فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَذَكَرَتْ / ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَوَ تَصْلُحُ لَهُ وَهِيَ ابْنَةُ أَخِيهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا أَخُوهُ وَهُوَ أَخِي، وَابْنَتُهُ تَصْلُحُ لِي، قَالَتْ: وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَتْ لِي أُمُّ رُومَانَ: إِنَّ الْمُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ قَدْ كَانَ ذَكَرَهَا عَلَى ابْنِهِ، فَوَاللَّهِ مَا أَخْلَفَ وَعْدًا قَطُّ - تَعْنِي أَبَا بَكْرٍ -.
قَالَتْ: فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ الْمُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي أَمْرِ هذه الجارية؟ فأقبل على امرأته فَقَالَ لَهَا: مَا تَقُولِينَ يَا هَذِهِ؟ قَالَ: فَأَقْبَلَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَتْ: لَعَلَّنَا إِنْ أنكحنا هذا الفتى إليك تصيبه وَتُدْخِلُهُ فِي دِينِكَ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْمُطْعِمِ وَقَالَ: مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ: إِنَّهَا لَتَقُولُ مَا تَسْمَعُ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ وَلَيْسَ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْمَوْعِدِ شَيْءٌ، فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: قُولِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَأْتِ، فَجَاءَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَلَكَهَا.
قَالَتْ خَوْلَةُ: ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى سَوْدَةَ وَأَبُوهَا شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ جَلَسَ عَنِ الْمَوَاسِمِ فَحَيَّيْتُهُ بِتَحِيَّةِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَقُلْتُ: انْعَمْ صَبَاحًا، فَقَالَ: مَنْ أَنْتِ؟ قُلْتُ: خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ، قَالَتْ: فَرَحَّبَ بِي وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَقُولَ. قَالَتْ: قُلْتُ: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْدِ الْمُطَلَّبِ يَذْكُرُ سَوْدَةَ بِنْتَ -[267]- زَمْعَةَ، قَالَ: كُفْؤٌ كَرِيمٌ، مَاذَا تَقُولُ صَاحِبَتُكِ؟ قُلْتُ: تُحِبُّ ذلك، قال: فقولي لَهُ فَلْيَأْتِ، فَجَاءَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَلَكَهَا، قَالَتْ: وَقَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ فَجَعَلَ يَحْثُو التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ وَقَدْ قَالَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ: لَعَمْرُكَ إِنِّي سَفِيهٌ يَوْمَ أَحْثُو عَلَى رَأْسِي التُّرَابَ أَنْ تَزَوَّجَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ / سَوْدَةَ.
قَالَ: وَقَالَتْ عَائِشَةُ: تَزَوَّجَنِي لِسِتِّ سِنِينَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ نَزَلْنَا السُّنْحَ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، قَالَتْ: فَإِنِّي لأَرْجَحُ بَيْنَ عِذْقَيْنِ وَأَنَا ابْنَةُ تِسْعِ سِنِينَ، إِذْ جَاءَتْ أُمِّي فَأَنْزَلَتْنِي ثُمَّ مَشَتْ بِي حَتَّى انْتَهَتْ بِي إِلَى الْبَابِ، فَمَسَحَتْ وَجْهِي بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ، وَفَرَّقَتْ جُمَيْمَةً كَانَتْ لِي، ثُمَّ دَخَلَتْ بِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ، فَقَالَتْ: هَؤُلاءِ أَهْلُكِ، فَبَارَكَ اللَّهُ لَكِ فِيهِمْ وَبَارَكَ لَهُمْ فِيكِ، قَالَتْ: فَقَامَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَخَرَجُوا، وَبَنَى بِي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا وَاللَّهِ مَا نُحِرَتْ عَلَيَّ جَزُورٌ وَلا ذُبِحَتْ مِنْ شَاةٍ، وَلَكِنْ جَفْنَةً كَانَ يَبْعَثُ بِهَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَارَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ بَعَثَ بِهَا.