يستلزم أن يكون رمينا رميا لإبليس، لأن إبليس لم يتعرض لنا في هذه الأماكن. ونظير هذا أن السعي إنما شرع من أجل ما جرى لأم إسماعيل رضي الله عنها. ومعلوم أن تردد أم إسماعيل بين الصفا والمروة سببه طلب الغوث لعلها تجد من يكون حولها ويسقيها ويطعمها ونحن في سعينا لا نسعى لهذا الغرض. فكذلك رمي الجمرات، حتى لو صح أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان يرمي الشيطان بهذه الجمرات مع أنه بعيد، لأن الله عز وجل جعل لنا دواء نرمي به الشيطان إذا عرض لنا وهو أن نستعيذ بالله منه (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ) (?) . إذاً الحكمة من رمي الجمرات هو كمال التعبد لله تعالى، والتعظيم لأمره. ولهذا يحصل ذكر الله بالقلب واللسان.

فإن قال قائل: لماذا لم تكن خمساً، أو ثلاثاً، أو تسعاً، أو إحدى عشرة حصاة؟

فالجواب: هذا ليس لنا الحق في أن نتكلم فيه، كما أنه ليس لنا الحق أن نقول لماذا كانت الصلوات الخمس سبع عشرة ركعة؟

ولماذا لم تكن الظهر ستا والعصر ستاً والعشاء ستاً مثلاً؟

نقول: هذا لا تدركه عقولنا، وليس لنا فيه إلا مجرد التعبد.

وقوله: "يكبر مع كل حصاة" والمعية تقتضي المصاحبة، فيكبر عندما يرمي ويقذف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015