ينتظرون في مزدلفة إلى أن تطلع الشمس وكانوا يقولون: "أشرِقْ ثَبيرْ كيما نُغير"، أي: كي نغير وندفع، فخالفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدفعين، الدفع من عرفة، والدفع من مزدلفة، فمن عرفة دفع بعد الغروب، ومن مزدلفة دفع قبل الشروق.
وقوله: "وأردف الفضل بن عباس "، وذلك حين دفع من مزدلفة إلى منى يوم العيد، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أردف في دفعه من عرفة إلى مزدلفة أسامة بن زيد رضي الله عنهما وأردف في دفعه من مزدلفة إلى منى الفضل بن عباس رضي الله عنهما، وهؤلاء ليسوا من كبار القوم. فأسامة ابن مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيد بن حارثة، فلم يختر النبي - صلى الله عليه وسلم - أشراف القوم ووجهاءهم ليردفهم على ناقته، بل اختار من صغار القوم في السن، واختار المولى يردفه من عرفة إلى مزدلفة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يعتني بمظاهر التعظيم ولا تهمه، بل كان من عادته عليه الصلاة والسلام أن يكون في أخريات القوم، يتفقدهم وينظر من يحتاج إلى أمر. وقصة جابر رضي الله عنه في جمله واضحة، فإن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما كان معه جمل ضعيف لا يمشي يقول: فلحقني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضربه ودعا له، فسار الجمل سيراً لم يسر مثله قط، حتى صار الجمل يكون في مقدمة القوم، وجابر رضي الله عنه يرده، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعا له، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - أتبيعني إياه؟ قال: نعم، قال: بعنيه بأوقية.- والأوقية أربعون درهماً- قال: لا، فقال: بعنيه فباعه فاشترط أن يحمله إلى أهله في المدينة فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - شرطه، فلما وصلا إلى المدينة دفع إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - الثمن وقال له: خذ جملك ودراهمك هو