وقوله: "وربا الجاهلية موضوع، وإن أول ربا أضع ربانا ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله ". كل ربا الجاهلية موضوع، أبطله النبي - صلى الله عليه وسلم - وأول ما أبطل من الربا ربا أقاربه، ربا عباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، وكان غنياً يرابي، فوضع النبي - صلى الله عليه وسلم - رباه كله؛ وهذا تحقيق لقوله تعالى: (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ)) (?) .
ثم انتقل - صلى الله عليه وسلم - إلى قضية المرأة التي كانت في الجاهلية مظلومة، وكان الرجال يستعبدون النساء، حتى تصل بهم الحال إلى أن يمنعوهن من الميراث، ويقولون لا إرث للمرأة، الإرث
للرجال، لأنهم هم الذين يذودون عن البلاد، ويحمون الأعراض.
أما المرأة فليس لها ميراث، ولكن الإسلام حكم بالعدل في النساء، وأعطاهن حقهن.
من ذلك إعلان النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الخطبة في قوله "فاتقوا الله في النساء"، أي لا تظلموهن، ولا تقصروا في حقوقهن، ولا تعتدوا عليهن. وقوله: "فإنكم أخذتموهن بأمان الله "، أي أمانة عندكم، لا يجوز الغدر فيها ولا الخيانة. وقوله: "واستحللتم فروجهن بكلمة
الله "، كقوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5)) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)) (?) ؛ فهذه من كلمات الله التي استحل بها الرجل فرج امرأته.
وقوله: "ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه ".