ليست من عرفة، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله وهذا هو الصواب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن ببناء الخيمة فيها، ولو كانت مشعراً لم يأذن ببناء الخيمة فيها، ولهذا ما بني له خيمة في عرفة، ولا بني له خيمة في منى، حتى إنه يروى أنه قيل له ألا نبني لك خيمة في منى
فقال: (لا، منى مناخ من سبق) (?) . هكذا روي عنه. وكونه يأذن أن يبنى له خيمة في نمرة يدل على أنها ليست من المشاعر، وإلا لما أذن فيها.
وأما قوله: "حتى أتى عرفة"، فمعناه بيان لمنتهى تجاوزه، وأنه لم يقف بمزدلفة كما كانت قريش تفعل، بل تجاوزها حتى بلغ عرفة التي هي موقف الناس؟ كما قال الله تعالى: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ) (?) ؛ والناس يفيضون من عرفة. ولهذا لم يقل: "فوجد القبة قد ضربت بها في نمرة".
وذهب آخرون إلى أنها من عرفة، وهو قول جماعة من أهل الفقه، ومن أهل اللغة أيضاً، كما في القاموس (?) . وسيأتي- إن شاء الله- ما يترتب على هذا الخلاف من الحكم في الفوائد.
فإن قال قائل: أين تقع نمرة؟
قلنا: تقع نمرة على حدود الحرم، عند الجبل الذي يكون على يمينك وأنت سائر إلى عرفة من الطريق الذي يخرج على المسجد. ويقولون إن نمرة عند أعلام الحرم، وهذا ما جزم به الأزرقي- رحمه الله- صاحب تاريخ مكة (?) .