فلا بد أن يكون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد بينه غاية البيان.

الثاني: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم أمته جميع ما تحتاج إليه من أمور الدين، والدنيا، حتى آداب الأكل، والشرب، والجلوس، والمنام وغير ذلك. قال أبو ذر رضي الله عنه: " لقد توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما طائر يقلب جناحيه إلا ذكر لنا منه علما". ولا ريب أن العلم بالله، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، داخل تحت هذه الجملة العامة، بل هو أول ما يدخل فيها لشدة الحاجة إليه.

الثالث: أن الإيمان بالله تعالى، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، هو أساس الدين، وخلاصة دعوة المرسلين، وهو أوجب وأفضل ما اكتسبته القلوب وأدركته العقول، فكيف يهمله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غير تعليم ولا بيان مع أنه كان يعلم ما هو دونه في الأهمية والفضيلة؟!

الرابع: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان أعلم الناس بربه وهو أنصحهم للخلق، وأبلغهم في البيان والفصاحة، فلا يمكن مع هذا المقتضى التام للبيان أن يترك باب الإيمان بالله، وأسمائه، وصفاته، ملتبسا مشتبها.

الخامس: أن الصحابة رضي الله عنهم لا بد أن يكونوا قائلين بالحق في هذا الباب لأن ضد ذلك إما السكوت وإما القول بالباطل، وكلاهما ممتنع عليهم:

أما امتناع السكوت فوجهه أن السكوت إما أن يكون عن جهل منهم بما يحب الله تعالى من الأسماء والصفات وما يجوز عليه منها ويمتنع، وإما أن يكون عن علم منهم بذلك ولكن كتموه، وكل منهما ممتنع:

أما امتناع الجهل: فلأنه لا يمكن لأي قلب فيه حياة، ووعي وطلب للعلم، ونهمة في العبادة إلا أن يكون أكبر همه هو البحث في الإيمان بالله تعالى، ومعرفته بأسمائه وصفاته، وتحقيق ذلك علما واعتقادا، ولا ريب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015