قال في مقدمته:
(جاءنا -يعني النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بكتاب عزيزٍ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، جمع فيه علم الأولين، وأكمل به الفرائض والدين، فهو صراط الله المستقيم، وحبله المتين، من تمسك به نجا، ومن خالفه ضل وغوى، وفي الجهل تردى وحث الله في كتابه على التمسك بسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} . . إلى أن قال: فأمرهم بطاعة رسوله كما أمرهم بطاعته ودعاهم إلى التمسك بسنة نبيه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما أمرهم بالعمل بكتابه، فنبذ كثير ممن غلبت شقوتهم، واستحوذ عليهم الشيطان، سنن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وراء ظهورهم، وعدلوا إلى أسلاف لهم قلدوهم بدينهم ودانوا بديانتهم، وأبطلوا سنن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورفضوها وأنكروها وجحدوها افتراء منهم على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين.
ثم ذكر - رحمه الله - أصولا من أصول المبتدعة، وأشار إلى بطلانها ثم قال:
فإن قال قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة، والجهمية، والحرورية، والرافضة والمرجئة فعرفونا قولكم الذي به تقولون، وديانتكم التي بها تدينون؟.
قيل له: قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها: التمسك بكتاب ربنا - عز وجل - وبسنة نبينا، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما روي عن الصحابة، والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل -نضر الله وجهه ورفع درجته