يبايعون الله نفسه ولا أن يدعي أن ذلك ظاهر اللفظ لمنافاته لأول الآية والواقع واستحالته في حق الله تعالى.

وإنما جعل الله تعالى مبايعة الرسول، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مبايعة له؛ لأنه رسوله قد بايع الصحابة على الجهاد في سبيل الله تعالى ومبايعة الرسول على الجهاد في سبيل من أرسله مبايعة لمن أرسله؛ لأنه رسوله المبلغ عنه. كما أن طاعة الرسول طاعة لمن أرسله؛ لقوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} .

وفي إضافة مبايعتهم الرسول، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلى الله تعالى من تشريف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتأييده وتوكيد هذه المبايعة وعظمها ورفع شأن المبايعين ما هو ظاهر لا يخفى على أحد.

الجملة الثانية: قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} وهذه أيضا على ظاهرها وحقيقتها فإن يد الله تعالى فوق أيدي المبايعين؛ لأن يده من صفاته وهو سبحانه فوقهم على عرشه فكانت يده فوق أيديهم. وهذا ظاهر اللفظ، وحقيقته وهو لتوكيد كون مبايعة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مبايعة له عز وجل ولا يلزم منها أن تكون يد الله جل وعلا مباشرة لأيديهم، ألا ترى أنه يقال: السماء فوقنا مع أنها مباينة لنا بعيدة عنا. فيد الله عز وجل فوق أيدي المبايعين لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع مباينته تعالى لخلقه وعلوه عليهم.

ولا يمكن لأحد أن يفهم أن المراد بقوله: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} يد النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا أن يدعي أن ذلك ظاهر اللفظ؛ لأن الله تعالى أضاف اليد إلى نفسه، ووصفها بأنها فوق أيديهم. ويد النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عند مبايعة الصحابة لم تكن فوق أيديهم، بل كان يبسطها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015