ذليلاً في الآخرة، وقرر - صلى الله عليه وسلم - وضع الربا، قال: "ربا الجاهلية موضوع، وإن أول رباً أضع ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله"، والربا من أشد المعاصي إثماً، حتى إن الله تعالى قال في كتابه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا الله وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ الله وَرَسُولِهِ) يعني أعلنوا الحرب على الله ورسوله- والعياذ بالله- (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) ولعن النبي - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال: "هم سواء"، فاتقوا الله في أنفسكم واتقوا الله في إخوانكم، وأنظروا المعسر ولا تلزموه، بل ولا تطالبوه بل ولا تطلبوه أن يوفيكم مادمتم تعلمون أنه معسر، لقول الله تبارك وتعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ) أن تسمحوا وتسقطوا الحق خير لكم. وبعض الناس نسأل الله لنا ولهم الهداية إذا كان مطلوبه فقيراً لا يرحمه ولا يبالي، بل يرفعه إلى الولاة ويسجن، ويحبس عن أهله، وعن طلب الرزق لطالبه، وهذا محرم، يحرم على الإنسان إذا كان له مدين معسر أن يطلبه بدينه، أو يطالبه به، أو يطلب حبسه عليه، لأن الله قال: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) إن بعض الناس إذا لم يطلب المدين الفقير هدده بالحبس وأجبره على أن يكبر عليه الدين ويقلب الدين عليه ويقول مثلاً: استدن وأوفني فتتراكم الديون على هذا الفقير، أو يقول له: اشتري مني سلعة بثمن زائد على أصلها
وأوفني وما أشبه ذلك من الحيل والخداع والمكر، فاتقوا الله تعالى في أنفسكم ولا تخالفوا ما أمر الله به ورسوله فإنكم مخلوقون لعبادة الله