عرفة فيدنو من عباده على الوجه اللائق به، ويقول سبحانه وتعالى: "ما أراد هؤلاء؟ " (?) يعني أي شيء أرادوا من مجيئهم إلى هذا المكان؟ يريد بذلك أن يتفضل عليهم بالرحمة والمغفرة، وإعطائهم سؤلهم، والمشروع في حال الدعاء أن يكون الإنسان مستقبل القبلة، ولو كان الجبل خلفه، ولا يشترط أن يذهب إلى الجبل فيقف عنده، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وقفت ههنا، وعرفة كلها موقف" (3) .
فأجاب فضيلته بقوله: أنا لا أعلم هل يقصد هذا السائل: للواقفين بعرفة، أو لعامة الناس؟ ولكن نجيب على الأمرين إن شاء الله تعالى:
أما الأول: فإنه يشرع للواقفين بعرفة أن يستغلوا هذا اليوم بما جاءت به السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا اليوم دفع من منى بعد طلوع الشمس، ثم نزل بنمرة حتى زالت الشمس، ثم ركب ونزل في بطن الوادي فصلى الظهر والعصر جمعًا وقصراً، وخطب الناس عليه الصلاة والسلام، ثم اتجه إلى الموقف، والموقف الذي اختار أن يقف فيه هو شرقي عرفة، عند الجبل المسمى بجبل الرحمة، ووقف هنالك حتى غربت الشمس، يدعو الله سبحانه وتعالى ويذكره، فينبغي للإنسان أن يستغل هذا اليوم، ولاسيما آخر النهار بالدعاء، والذكر، والتضرع إلى الله