الفراغ من الدعاء، لأنه وإن قلنا: أن هذا الحديث بمجموع طرقه يرتقي إلى درجة الحسن لغيره، فإنه يبقى متنه شاذا، لأنه مخالف لظاهر الأحاديث الصحيحة التي وردت بكثرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يرفع يديه بالدعاء، ولم يرد أنه مسح بهما وجهه، وعلى كل حال فلا أتجاسر على القول بأن ذلك بدعة، ولكني أرى أنه من الأفضل أن لا يمسح، ولو مسح فلا ينكر عليه هذا بالنسبة للفقرة الأولى من السؤال.
أما المسألة الثانية وهي: الدعاء بعد النافلة، فإن الدعاء بعد النافلة إن اتخذه الإنسان سنة راتبة بحيث إنه يعتقد أنه يُشرع كلما سلم من النافلة أن يدعو، فهذا أخشى أن يكون بدعة؛ لأن ذلك لم
يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فما أكثر ما صلى النبي عليه الصلاة والسلام من نافلة، ولم يرد عنه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو بعدها، ولو كان هذا من المشروع لسنه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته، إما بقوله، أو بفعله، أو بإقراره، ثم إنه ينبغي أن يعلم أن الإنسان مادام في صلاته فإنه يناجي ربه، فكيف يليق بالإنسان أن يَدَعَ الدعاء في الحال التي يناجي فيها
ربه، ثم يأخذ بالتضرع بعد انصرافه عن صلاته، وانقطاع مناجاته لله عز وجل في صلاته، فكان الأولى والأجدر بالإنسان أن يجعل الدعاء قبل السلام، ما دام في الحال التي يناجي فيها ربه، وهذا
المعنى أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- وهو معنى حسن جيد، فإذا أردت أيها الأخ المسلم أن تدعو الله عز وجل فاجعل دعاءك قبل السلام؛ لأن هذا هو الذي أرشد إليه النبي صلى
الله عليه وسلم في قوله في حديث عبد الله بن مسعود- رضي الله