فأجاب فضيلته بقوله-: الذي أرى أنه في هذا العصر لكثرة الحجاج ومشقة الزحام ألا يعقد الإحرام للصغار، لأن هذا الحج الذي يحجونه ليس مجزياً عنهم، فإنهم إذا بلغوا وجب عليهم أن
يعيدوه وهو سنة، يعنى فيه أجر لولي الصبي، ولكن هذا الأجر الذي يرتقبوه قد يفوتون به أشياء كثيرة أهم، لأنه سيبقى مشغولاً بهذا الطفل في الطواف وفي السعي، ولا سيما إذا كان هذا الطفل
لا يميز فإنه لا يجوز له أن يحمله في طوافه ناوياً الطواف عن نفسه وعن هذا الصبي، لأن القول الراجح في مسأله حمل الأطفال في أثناء الطواف والسعي: أنهم إذا كانوا يعقلون النية وقال لهم
وليهم: أنوا الطواف. أنوا السعي. فلا بأس أن يحملهم حال طوافه وسعيه، وأما إذا كانوا لا يعقلون النية فإنه لا يجزئه أن يطوف بهم وهو يطوف عن نفسه، أو يسعى بهم وهو يسعى عن نفسه، لأن الفعل الواحد لا يحتمل نيتين لشخصين.
فأجاب فضيلته بقوله-: هذه المسألة فيها اختلاف بين العلماء، فمذهب أبي حنيفة- رحمه الله- أنه يجوز للصغير أن يتحلل من الإحرام بدون أي سبب، وعلل ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام: "الصغير حتى يبلغ " وعلى هذا المذهب لا يلزم أهله شيء، ولكن المشهور من مذهب الحنابلة أن إحرام الصغير كإحرام الكبير، وأنه إذا أحرم به وليه صار الإحرام لازماً في حقه،