الناس، لأن العلماء لهم من الفضل والتقدير والاحترام ما يليق بحالهم، ولأن غيبة العلماء تؤدي إلى احتقارهم وسقوطهم من أعين الناس، وبالتالي إلى احتقار ما يقولون من شريعة الله، وعدم اعتبارها، وحينئذ تضيع الشريعة بسبب غيبة العلماء، ويلجأ الناس إلى جهالٍ يفتون بغير علم، وكذلك غيبة الأمراء وولاة الأمور الذين جعل الله لهم الولاية على الخلق، فإن غيبتهم تتضاعف، لأن غيبتهم توجب احتقارهم عند الناس وسقوط هيبتهم، وإذا سقطت هيبة السلطان فسدت البلدان، وحلت

الفوضى والفتن، والشر والفساد، ولو كان هذا الذي يغتاب ولاة الأمور، يقصد الإصلاح، فإن ما يفسد أكثر مما يصلح، وما يترتب على غيبة ولاة الأمور أعظم من الذنب الذي ارتكبوه، لأنه

كلما هان شأن السلطان في قلوب الناس تمردوا عليه ولم يعبئوا بمخالفته ولا بمنابذته، وهذا بلا شك ليس إصلاحاً، بل هو إفساد وزعزعة للأمن ونشر للفوضى، والواجب مناصحة ولاة الأمور

من العلماء والأمراء على وجه تزول به المفسدة، وتحل به المصلحة، بأن يكون سرًّا وبأدب واحترام، لأن هذا أدعى للقبول وأقرب إلى الرجوع عن التمادي في الباطل، وربما يكون الحق فيما انتقده عليه منتقد، لأنه بالمناقشة يتبين الأمر، وكم من عالم أغتيب وذكر بما يكره، فإذا نوقش هذا العالم تبين أنه لم يقل ما نسب إليه، وأن ما نسب إليه كذب باطل، يقصد به التشويه والتشويش والحسد، وربما يكون ما نسب إليه حقاً، ولكن له وجهة نظر تخفى على كثير من الناس، فإذا نوقش وبين وجهة نظره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015