الحمد لله القوي المتين، الظاهر القاهر المبين، لا يعزب عن سمعه أقل الأنين، ولا يخفى على بصره حركات الجنين، ذل لكبريائه جبابرة السلاطين، وبطل أمام قدرته كيد الكائدين، قضى قضاءه كما شاء على الخاطئين، وسبق اختيارُه مَنِ اختاره من العالمين، فهؤلاء أهل الشِّمال وهؤلاء أهل اليمين، جرى القدر بذلك قبل عمل العاملين، ولولا هذا التقسيم لبطل جهاد المجاهدين , وما عُرِفَ أهل الإيمان من الكافرين , ولا أهل الشك من أهل اليقين، ولولا هذا التقسيم ما امتلأت النار من المجرمين، {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة: 13] . تلك يا أخي حكمة الله وهو أحكم الحاكمين، أحمده سبحانه حمد الشاكرين، وأسأله معونة الصابرين، وأستجير به من العذاب المهين، وأشهد أن لا إله إلا الله، الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى الأمين، صلى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكر أول تابع من الرجال على الدين، وعلى عمر القوي في أمر الله فلا يلين، وعلى عثمان زوج ابنتي الرسول ونِعْمَ القرين،
وعلى علي بحر العلوم الأنزع البطين، وعلى جميع آل بيت الرسول الطاهرين، وعلى سائر أصحابه الطيبين،