من بعضهم على بعض فيأتي رجل خير طيب، ويقول لهاتين القبيلتين: أنا أصلح بينكما بمال أدفعه لكل واحدة منكما، ويلتزم في ذمته بمليون ريال خمسمائة لهذه الطائفة، وخمسمائة لهذه الطائفة.

فهذا نعطيه من الزكاة لإيتاء هذا الغرم، لأن هذا الرجل محسن وقائم بين الناس بالإصلاح، فكان من مكافأته ومجازاته أن نتحمل عنه ما التزمه من الزكاة حتى ولو كان غنيًّا.

وأما الغارم لنفسه في حاجاته الخاصة. فرجل اشترى بيتاً ليسكنه بخمسمائة ألف ريال فيجوز أن نعطيه لقضاء دينه من الزكاة؛ لأنه غارم لكن بشرط أن يكون فقيراً لا يملك ما يقضى به الدين، فإن كان يملك ما يقضى به الدين فإنا لا نعطيه من الزكاة؛ لأنه مستغن عنها بما عنده.

ولو أننا ذهبنا إلى الدائن وقضينا الدين من غير أن يشعر المدين فننظر إلى الآية: {وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} أي «وفي الغارمين» (وفي) للظرفية، أما الفقراء فقال الله عز وجل: «للفقراء» واللام للتمليك، ولهذا يجوز أن نذهب إلى الدائن ونقضي دين الغريم ولو بدون علمه؛ لأن الله تعالى لم يشترط تمليكه، فلم يقل: (وللغارمين) وإنما قال: {وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} وفي للظرفية فإذا دفعنا الزكاة في الغرم حصل المقصود.

ولكن أيهما أحسن أن نعطي الغارم المال ليقضي به دينه، أو أن نذهب نحن إلى الدائن ونسدد الدين؟

الواقع أنها تختلف: فإذا كان الغارم صاحب دين وثقة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015