فمنها الحج، فالحج لا يجب على الإنسان الذي عليه دين حتى يوفي دينه.

أما الزكاة فقد اختلف أهل العلم: هل تسقط عن المدين أو لا تسقط؟

فمن أهل العلم من يقول: إن الزكاة تسقط فيما يقابل الدين، سواء كان المال ظاهراً أم غير ظاهر.

ومنهم من يقول: إن الزكاة لا تسقط فيما يقابل الدين، بل عليه أن يزكي جميع ما في يده ولو كان عليه دين ينقص النصاب.

ومنهم من فصّل فقال: إن كان المال من الأموال الباطنة التي لا ترى ولا تشاهد: كالنقود وعروض التجارة فإن الزكاة تسقط فيما يقابل الدين، وإن كان المال من الأموال الظاهرة: كالمواشي والخارج من الأرض فإن الزكاة لا تسقط.

والصحيح عندي أنها لا تسقط، سواء كان المال ظاهراً أم غير ظاهر، وأن كل من في يده مال مما تجب فيه الزكاة فعليه أن يؤدي زكاته ولو كان عليه دين، وذلك لأن الزكاة إنما تجب في المال؛ لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} . ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حينما بعثه إلى اليمن: «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم» . والحديث في البخاري بهذا اللفظ، وبهذا الدليل من الكتاب والسنة تكون الجهة منفكة، فلا تعارض بين الزكاة وبين الدين؛ لأن الدين يجب في الذمة، والزكاة تجب في المال، فإذاً كلٌّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015