فأجاب فضيلته بقوله: نعم تجب الزكاة في المال الذي في يده، وذلك لأن النصوص الواردة في وجوب الزكاة عامة، ولم تستثنِ شيئاً، لم تستثنِ مَن عليه دين. وإذا كانت النصوص عامة وجب أن نأخذ بها، ثم إن الزكاة واجبة في المال، لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما رواه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما حين بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاذاً إلى اليمن قال: «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم» فبين الله تعالى ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الزكاة في المال، وليست في ذمة الإنسان، والدين واجب في ذمته، فالجهة منفكة، وإذا كانت الجهة منفكة فإن أحدهما لا يجب على الآخر، وإذا لم يجب أحدهما على الآخر لم يوجد التعارض، وعلى هذا فتجب زكاة المال الذي بيدك والدين واجب في ذمتك، فهذا له وجهة، وهذا له وجهة، فعلى المرء أن يتقي ربه ويخرج الزكاة عما في يده، ويستعين الله تعالى في قضاء الدين الذي عليه، ويقول: اللهم اقضِ عني الدين واغنني من الفقر. وربما يكون أداء زكاة المال الذي بيده سبباً في بركة هذا المال ونمائه، وتخليص ذمته من الدين، وربما يكون منع الزكاة منه سبباً في فقره، وكونه يرى نفسه دائماً في حاجة وليس من أهل الزكاة، واحمد الله عز وجل أن جعلك من المعطين ولست من الا"خذين، ثم إن تعليل بعض العلماء الذين يقولون: إن الدين يسقط الزكاة تعليلهم ذلك بأن الزكاة وجبت مواساة، والمدين ليس أهلاً لها نقول: لا نستطيع أن نجزم أن الزكاة وجبت مواساة، بل