أن يخوف عباده من عاقبة معاصيهم ومخالفاتهم كسفهما باختفاء ضوئهما كله أو بعضه، إنذاراً للعباد، وتذكيراً لهم لعلهم يحدثون توبة، فيقومون بما يجب عليهم من أوامر ربهم، ويبعدون عما حرم عليهم من نواهي الله عز وجل، ولذلك كثر الكسوف في هذا العصر فلا تكاد تمضي السنة حتى يحدث كسوف في الشمس، أو القمر، أو فيهما جميعاً، وذلك لكثرة المعاصي والفتن في هذا الزمن، فلقد انغمس أكثر الناس في شهوات الدنيا ونسوا أهوال الآخرة، وأترفوا أبدانهم، وأتلفوا أديانهم، أقبلوا على الأمور المادية المحسوسة، وأعرضوا عن الأمور الغيبية الموعودة التي هي المصير الحتمي والغاية الأكيدة {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ الَّذِى يُوعَدُونَ} .
أيها الناس إن كثيراً من أهل هذا العصر تهاونوا بأمر الكسوف فلم يقيموا له وزناً، ولم يحرك منهم ساكناً، وما ذاك إلا لضعف إيمانهم وجهلهم بما جاء عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واعتمادهم على ما علم من أسباب الكسوف الطبيعية، وغفلتهم عن الأسباب الشرعية، والحكمة البالغة التي من أجلها يحدث الله الكسوف بأسبابه الطبيعية.
فالكسوف له أسباب طبيعية يقرّ بها المؤمنون والكافرون، وله أسباب شرعية يقر بها المؤمنون، وينكرها الكافرون، ويتهاون بها ضعيفوا الإيمان فلا يقومون بما أمرهم به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من