«رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلًا لا يشركون بالله شيئًا إلا شفعهم الله فيه» . فيكون معنى هذا الحديث أن هذا الأعمى يطلب من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يدعو الله له؛ لأن هذا الدعاء نوع شفاعة.

أما الآن وبعد موت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإن مثل هذه الحال لا يمكن أن تكون لتعذر دعاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأحد بعد الموت، كما قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» والدعاء بلا شك من الأعمال التي تنقطع بالموت؛ بل الدعاء عبادة كما قال الله - تعالى-: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} ولهذا لم يلجأ الصحابة -رضي الله عنهم- عند الشدائد وعند الحاجة إلى سؤال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يدعو الله لهم؛ بل قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حين قحط المطر: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون " وطلب من العباس - رضي الله عنه - أن يدعو الله - عز وجل - بالسقيا فدعا فسقوا. وهذا يدل على أنه لا يمكن أن يطلب من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد موته أن يدعو لأحد؛ لأن ذلك متعذر لانقطاع عمله بموته صلوات الله وسلامه عليه؛ وإذا كان لا يمكن لأحد أن يطلب من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يدعو له بعد موت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإنه لا يمكن -ومن باب أولى- أن يدعو أحد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نفسه بشيء من حاجاته أو مصالحه؛ فإن هذا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله؛ والذي حرم الله على من اتصف به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015