وبهذه المناسبة أود أن أبين أن مضاعفة ثواب الصلاة في المسجد الحرام إلى أفضل من مائة ألف تختص بالمسجد الذي فيه الكعبة، ولا تشمل بقية مكة والحرم لما رواه مسلم عن ميمونة – رضي الله عنها – أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة" (?) . ولأن مسجد الكعبة هو المسجد الذي تشد إليه الرحال دون بقية مساجد مكة، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى" (?) . فأما قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) . فقد ثبت في صحيح البخاري (?) أنه أسري به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الحجر حجر الكعبة فيكون المراد بالمسجد الحرام مسجد الكعبة لا عموم مكة.
وأما ما ثبت من كونه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أقام في الحديبية يدخل داخل حدود الحرم فيصلي وهو نازل في الحل فهو دليل على أن الصلاة في الحرم أفضل من الصلاة في الحل، ولا يستلزم ذلك حصول خصوصية التفضيل المذكور.