وأما ما روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((النهي عن مذابح كمذابح النصارى)) (?) أي: المحاريب، فهذا النهي وارد على ما إذا اتخذت محاريب كمحاريب النصارى، أما إذا اتخذت محاريب متميزة للمسلمين فإن هذا لا ينهى
عنه.
* * *
فأجاب بقوله: هذا القول فيما أرى غير صحيح، وذلك لأن الذين يتخذونه إنما يتخذونه علامة على القبلة ودليلاً على جهتها.
وما ورد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن اتخاذ مذابح كمذابح النصارى، فإن المراد به أن نتخذ محاريب كمحاريب النصارى، فإذا تميزت عنها زال الشبه.
* * *
فأجاب بقوله: الانحراف القليل لا يضر، وهذا في غير ما كان في المسجد الحرام، لأن المسجد الحرام قبلة المصل فيه هي عين الكعبة، ولهذا قال العلماء: من أمكنه مشاهدة الكعبة فإن الواجب أن يستقبل عينها، فإذا قدر أن المصلي في الحرم اتجه إلى جهتها لا إلى عينها فإنه يعيد الصلاة لأن صلاته لم تصح، قال عز وجل (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) (?) .