وكذلك من قصره على لحم الخنزير معللا بأنه لو كان الضمير للثلاثة لقال: فإنها أو فإنهن، فجوابه:

أنا لا نقول إن الضمير للثلاثة بل هو عائد إلى الضمير المستتر في ـ يكون ـ المخبر عنه بأحد الأمور الثلاثة.

ويدل على أن وصف الرجس للثلاثة ما دلت عليه السنة من نجاسة الميتة، ففي السنن عن ميمونة ـرضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بشاة يجرونها، فقال: (لو أخذتم إهابها) . فقالوا: إنها ميتة، فقال: (يطهرها الماء والقرض) أخرجه النسائي وأبو داود، وأخرجا من حديث سلمة بن المحبق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في جلود الميتة: (دباغها طهورها) . وعند النسائي: (دباغها ذكاتها) . وفي صحيح مسلم من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: وقد سُئل عن اسقية المجوس، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (دباغه طهوره) .

وبهذا تقرر دلالة القرآن على نجاسة الدم المسفوح.

وأما نجاسة دم الحيض، ففي الصحيحين من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال لفاطمة بنت أبي حبيش: (إذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي) . هذا لفظ البخاري، وقد ترجم عليه باب غسل الدم، وفيهما أيضا من حديث أسماء بنت أبي بكر ـرضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرضه ثم لتنضحه بماء ثم تصلي فيه) . هذا لفظ البخاري في رواية، وفي أخرى: (تحته ثم تقرضه بالماء وتنضحه وتصلي فيه) . وهو لمسلم بهذا اللفظ، لكن بثم في الجمل الثلاث كلها، وكون النبي صلى الله عليه وسلم يرتب الصلاة على غسله بثم، دليل على أن غسله لنجاسته، لا لأجل النظافة فقط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015