فأجاب بقوله: الصحيح أن الاتخاذ والاستعمال في غير الأكل والشرب ليس بحرام وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما نهى عن شيء مخصوص، وهو الأكل والشرب، والنبي صلى الله عليه وسلم أبلغُ الناس وأفصحهم وأبينهم في الكلام لا يخصّ شيئاً دون شيء إلا لسبب، ولو أراد النهي العام لقال: " لا تستعملوها "، فتخصيصه الأكل والشرب بالنهي دليل على أن ما عداهما جائز، لأن الناس ينتفعون بهما في غير ذلك ولو كانت الآنية من الذهب والفضة محرّمة مطلقاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتكسيرها، كما كان صلى الله عليه وسلم لا يدع شيئاً فيه تصاوير إلا كسّره، فلو كانت محرّمة مطلقاً لكسرها، لأنه إذا كانت محرمة في كل الحالات ما كان لبقائها فائدة، ويدلّ لذلك أن أم سلمة وهي راوية حديث: " والذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم " كان عندها جلجل من فضة جعلت فيه شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم فكان الناس يستشفُون بها، فيُشفَوْنَ - بإذن الله - وهذا الحديث ثابت في صحيح البخاري، وفيه استعمال لآنية الفضة لكن في غير الأكل والشرب، فالصحيح أنه لا يحرم إلا ما حرّمه الرسول صلى الله عليه وسلم في الأوني وهو الأكل والشرب.
فإن قال قائل: حرمها الرسول صلى الله عليه وسلم في الأكل والشرب لأنه هو الأغلب استعمالاً، وما علق به الحكم لكونه أغلب، فإنه لا يقتضي