فأثبتت ذلك، فأقرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: «اعتقها، فإنها مؤمنة» .

وأهل التحريف يقولون: (أين) بمعنى (من) ، أي: من الله؟ قالت: في السماء، أي: هو من في السماء، وينكرون العلو.

وقد رد عليهم ابن القيم رحمه الله في كتبه ومنها (النونية) ، وقال لهم: اللغة العربية لا تأتي فيها (أين) بمعنى (من) ، وفرق بين (أين) و (من) .

فالجهة لله ليست جهة سفل، وذلك لوجوب العلو له فطرة وعقلا وسمعا، وليست جهة علو تحيط به؛ لأنه تعالى وسع كرسيه السماوات والأرض، وهو موضع قدميه؛ فكيف يحيط به تعالى شيء من مخلوقاته؟! .

فهو في جهة علو لا تحيط به، ولا يمكن أن يقال: إن شيئا يحيط به، لأننا نقول: إن ما فوق العرش عدم ليس ثم إلا الله - سبحانه -، ولهذا قال: «والله تعالى فوق ذلك» .

قوله: «وليس يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم» . وقوله: (أعمال) إن قرنت بالأقوال صار المراد بها: أعمال الجوارح، والأقوال للسان، وإن أفردت شملت أعمال الجوارح وأقوال اللسان وأعمال القلوب، وهي هنا مفردة؛ فتشمل كل ما يتعلق باللسان أو القلب أو الجوارح، بل أبلغ من ذلك أنه لا يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم في المستقبل، فهو يعلم ما يكون فضلا عما كان، قال تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} [طه:110] ، أي: ما يستقبلونه وما مضى عليهم، ولما قال فرعون لموسى: {فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} ، أي: ما شأنها؟ قال: {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ} ، أي: محفوظة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015