قوله: (يوحى إلي) . الوحي في اللغة: الإعلام بسرعة وخفاء، ومنه قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم:11] .
وفي الشرع: إعلام الله بالشرع.
والوحي: هو الفرق بيننا وبينه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فهو متميز بالوحي كغيره من الأنبياء والرسل.
قوله: {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} . هذه الجملة في تأويل مصدر نائب فاعل (يوحى) ، وفيها حصر طريقه (إنما) ، فيكون معناها: ما إلهكم إلا إله واحد، وهو الله، فإذا ثبت ذلك؛ فإنه لا يليق بك أن تشرك معه غيره في العبادة التي هي خالص حقه، ولذلك قال الله تعالى بعد ذلك: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110] .
فقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ} المراد بالرجاء: الطلب والأمل؛ أي: من كان يؤمل أن يلقى ربه، والمراد باللقيا هنا الملاقاة الخاصة؛ لأن اللقيا على نوعين:
الأول: عامة لكل إنسان، قال تعالى {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} [الانشقاق: 6] ، ولذلك قال مفرِّعا على ذلك: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 7] ، {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} ... ) الآية [الانشقاق: 10]
الثاني: الخاصة بالمؤمنين، وهو لقاء الرضا والنعيم، كما في هذه الآية، وتتضمن رؤيته تبارك وتعالى، كما ذكر ذلك بعض أهل العلم.
فقوله: {فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} . الفاء رابطة لجواب الشرط، والأمر