وقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت: 10] الآية.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الآية الثالثة قوله تعالى: ومن الناس. جار ومجرور خبر مقدم، ومن تبعيضية.
وقوله: من يقول. من: مبتدأ مؤخر، والمراد بهؤلاء: من لا يصل الإيمان إلى قرارة قلبه، فيقول: آمنا بالله، لكنه إيمان متطرف، كقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} [الحج: 11] ، {عَلَى حَرْفٍ} ، أي: على طرف.
فإذا امتحنه الله بما يقدر عليه من إيذاء الأعداء في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله.
قوله: {فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ} . في: للسببية، أي: بسبب الإيمان بالله وإقامة دينه.
ويجوز أن تكون في للظرفية على تقدير: " فإذا أوذي في شرع الله "، أي: إيذاء في هذا الشرع الذي تمسك به.
قوله: {جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ} . جعل: صير، والمراد بالفتنة هنا الإيذاء، وسمي فتنة؛ لأن الإنسان يفتتن به، فيصد عن سبيل الله، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} [البروج: 10] ، وأضاف الفتنة إلى الناس من باب إضافة المصدر إلى فاعله.
قوله: {كَعَذَابِ اللَّهِ} . ومعلوم أن الإنسان يفر من عذاب الله، فيوافق أمره، فهذا يجعل فتنة الناس كعذاب الله، فيفر من إيذائهم بموافقة أهوائهم وأمرهم جعلا