«الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» ، ووصف الله القرآن في آية أخرى بأنه مجيد، والمجد صفة العظمة والعزة والقوة، والقرآن جامع بين الأمرين: فيه قوة وعظمة، وكذا خيرات كثيرة وإحسان لمن تمسك به.
قوله: {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} . كتاب فعال بمعنى مفعول، مثل: فراش بمعنى مفروش، وغراس بمعنى مغروس، وكتاب بمعنى مكتوب.
والمكنون: المحفوظ، قال تعالى: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} [الصافات: 49] .
واختلف المفسرون في هذا الكتاب على قولين:
الأول: أنه اللوح المحفوظ الذي كتب الله فيه كل شيء.
الثاني: وإليه ذهب ابن القيم أنه الصحف التي في أيدي الملائكة، قال تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} [عبس: 11-15] ، فقوله: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} يرجح أن المراد الكتب التي في أيدي الملائكة؛ لأن قوله: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} أي: الملائكة، يوازن قوله: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} ، وعلى هذا يكون المراد بالكتاب الجنس لا الواحد.
قوله: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} . الضمير يعود إلى الكتاب المكنون؛ لأنه أقرب شيء، وهو بالرفع {لَا يَمَسُّهُ} باتفاق القراء، وإنما نبهنا على ذلك؛ لدفع قول من يقول: إنه خبر بمعنى النهي، والضمير يعود على القرآن، أي: نهى أن يمس القرآن إلا طاهر، والآية ليس فيها ما يدل على ذلك، بل هي ظاهرة في