القرآن، حيث إن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرويه عن ربه مباشرة والقرآن بواسطة جبريل.
ولأنه لو كان من كلام الله لفظا، لوجب أن تثبت له أحكام القرآن؛ لأن الشرع لا يفرق بين المتماثلين، وقد علم أن أحكام القرآن لا تنطبق على الحديث القدسي، فهو لا يتعبد بتلاوته، ولا يقرأ في الصلاة، ولا يعجز لفظه، ولو كان من كلام الله، لكان معجزا؛ لأن كلام الله لا يماثله كلام البشر، وأيضا باتفاق أهل العلم فيما أعلم أنه لو جاء مشرك يستجير ليسمع كلام الله وأسمعناه الأحاديث القدسية، فلا يصح أن يقال: إنه سمع كلام الله.
فدل هذا على أنه ليس من كلام الله، وهذا هو الصحيح، وللعلماء في ذلك قولان: هذا أحدهما، والثاني: أنه من قول الله لفظا.
فإن قال قائل: كيف تصححون هذا والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينسب القول إلى الله، ويقول: قال الله تعالى، ومقول القول هو هذا الحديث المسوق؟
قلنا: هذا كما قال الله تعالى عن موسى وفرعون وإبراهيم: قال موسى، قال فرعون، قال إبراهيم ... مع أننا نعلم أن هذا اللفظ ليس من كلامهم ولا قولهم؛ لأن لغتهم ليست اللغة العربية، وإنما نقل نقلا عنهم، ويدل هذا أن القصص في القرآن تختلف بالطول والقصر والألفاظ، مما يدل على أن الله سبحانه ينقلها بالمعنى، ومع ذلك ينسبها إليهم، كما قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} [الزخرف: 26، 27] ، وقال عن موسى: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ} [الأعراف: 128] ، وقال عن فرعون: {قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} [الشعراء: 34] .
قوله: (بما أنزل على محمد) . ذكر أهل السنة أن كل كلمة وصف فيها القرآن بأنه منزل أو أنزل من الله، فهي دالة على علو الله سبحانه وتعالى