وقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «إياكم والغلو؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو» . (?)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: " والغلو "، معطوف على إياكم، وقد اضطرب فيه المعربون اضطرابا كثيرا، وأقرب ما قيل للصواب وأقله تكلفا: أن إيا منصوبة بفعل أمر مقدر تقديره إياك أحذر؛ أي: احذر نفسك أن تغرك، والغلو معطوف على إياك؛ أي: واحذر الغلو.
والغلو كما سبق: هو مجاوزة الحد مدحا أو ذما، وقد يشمل ما هو أكثر من ذلك أيضا؛ فيقال: مجاوزة الحد في الثناء وفي التعبد وفي العمل؛ لأن هذا الحديث ورد في رمي الجمرات، حيث «روى ابن عباس؛ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غداة العقبة وهو على ناقته: "القط لي حصى. فلقطت له سبع حصيات هن حصى الخذف؛ فجعل ينفضهن في كفه، ويقول: أمثال هؤلاء فارموا، وإياكم والغلو في الدين؛ فإنما أهلك من قبلكم الغلو في الدين» . هذا لفظ ابن ماجه.
والغلو: فاعل أهلك.
قوله: " من كان قبلكم "، مفعول مقدم.
قوله: " فإنما "، أداة حصر، والحصر: إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه.
قوله: " أهلك "، يحتمل معنيين:
الأول: أن المراد هلاك الدين، وعليه يكون الهلاك واقعا مباشرة من