«له قدره"» ، انظروا إلى هذا المثال لنأخذ منه عبرة، كيف كان تصديق أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لرسول الله، ما ذهبوا يحرفون، أو يؤولون، أو يقولون: إن اليوم لا يمكن أن يطول؛ لأن الشمس تجري في فلكها، ولا تتغير، ولكنه يطول لكثرة المشاق فيه وعظمها، فهو يطول؛ لأنه متعب - بكسر العين - ما قالوا هكذا، كما يقول بعض المتحذلقين، ولكن صدقوا بأن هذا اليوم سيكون اثني عشر شهرا حقيقة، بدون تحريف، وبدون تأويل.
وهكذا حقيقة المؤمن ينقاد لما أخبر الله به ورسوله من أمور الغيب، وإن حار فيها عقله، لكن يجب أن تعلم أن خبر الله ورسوله لا يكون في شيء محال عقلا، لكن يكون في شيء تحار فيه العقول؛ لأنها لا تدركه، فالرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخبر أن أول يوم من أيام الدجال كسنة، لو أن هذا الحديث مر على المتأخرين، الذين يدعون أنهم هم العقلاء لقالوا: إن طوله مجاز، عما فيه من التعب والمشقة؛ لأن أيام السرور قصيرة، وأيام الشرور طويلة، ولكن الصحابة - رضي الله عنهم- من صفائهم وقبولهم سلموا في الحال، وقالوا بلسان الحال: إن الذي خلق الشمس، وجعلها تجري في أربع وعشرين ساعة في اليوم والليلة قادر على أن يجعلها تجري في اثني عشر شهرا؛ لأن الخالق واحد - عز وجل - فهو قادر، ولذلك سلموا. وقالوا: كيف نصلي؟
ما سألوا عن الأمر الكوني؛ لأنهم يعلمون أن قدرة الله فوق مستواهم، سألوا عن الأمر الشرعي الذين هم مكلفون به وهو الصلاة، وهذا والله حقيقة الانقياد والقبول، قالوا: «يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: " لا، اقدروا له قدره» . وسبحان الله العظيم، إذا تأملت تبين لك أن هذا الدين تام كامل، لا يمكن أن تكون مسألة يحتاج الناس إليها إلى يوم القيامة إلا وجد لها أصل، كيف أنطق الله