يعذرون، وهم كمن قال الله فيهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف: 22] .

قوله: «"وأن عيسى عبد الله ورسوله» ، الكلام فيها كالكلام في شهادة أن محمدا رسول الله، إلا أننا نؤمن برسالة عيسى، ولا يلزمنا اتباعه إذا خالفت شريعته شريعتنا.

فشريعة من قبلنا لها ثلاث حالات:

الأولى: أن تكون مخالفة لشريعتنا؛ فالعمل على شرعنا.

الثانية: أن تكون موافقة لشريعتنا؛ فنحن متبعون لشريعتنا.

الثالثة: أن يكون مسكوتا عنها في شريعتنا، وفي هذه الحال اختلف علماء الأصول: هل نعمل بها، أو ندعها؟

والصحيح أنها شرع لنا، ودليل ذلك:

1 - قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: 90] .

2 - قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: 111] .

وقد تطرف في عيسى طائفتان:

الأولى: اليهود كذبوه، فقالوا: بأنه ولد زنى، وأن أمه من البغايا، وأنه ليس بنبي، وقتلوه شرعا؛ أي: محكوم عليهم عند الله أنهم قتلوه في حكم الله الشرعي؛ لقوله تعالى عنهم: {إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} [النساء: 157] ، وأما بالنسبة لحكم الله القدري؛ فقد كذبوا، وما قتلوه يقينا، بل رفعه الله إليه، ولكن شبه لهم، فقتلوا المشبه لهم وصلبوه.

الثانية: النصارى قالوا: إنه ابن الله، وإنه ثالث ثلاثة، وجعلوه إلها مع الله، وكذبوا فيما قالوا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015