إلى هذا الحد! فهؤلاء ما شهدوا أن محمدا عبد الله ورسوله، وهؤلاء المخرفون مساكين، إن نظرنا إليهم بعين القدر؛ فنرق لهم، ونسأل الله لهم السلامة والعافية، وإن نظرنا إليهم بعين الشرع؛ فإننا يجب أن ننابذهم بالحجة حتى يعودوا إلى الصراط المستقيم، «والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشد الناس عبودية لله، أخشاهم لله، وأتقاهم لله، قام يصلي حتى تورمت قدماه، وقيل له في ذلك؛ فقال: "أفلا أكون عبدا شكورا» وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، هذا تحقيق العبادة العظيمة.
أما الرسالة؛ فهو رسول أرسله الله عز وجل بأعظم شريعة إلى جميع الخلق، فبلغها غاية البلاغ، مع أنه أوذي وقوتل، حتى إنهم جاءوا بسلا الجزور وهو ساجد عند الكعبة ووضعوه على ظهره، كل ذلك كراهية له ولما جاء به، ومع ذلك صبر، يلقون الأذى والأنتان والأقذار على عتبة بابه، لكن هذا للنبي الكريم امتحان من الله عز وجل؛ لأجل أن يتبين صبره وفضله، يخرج ويقول: «أي جوار هذا يا بني عبد مناف؟» (?) ، فصبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حتى فتح الله عليه، وأنذر أم القرى ومن حولها، ثم إنه حمل هذه الشريعة من بعده أشد الناس أمانة وأقواهم على الاتباع؛ الصحابة رضي الله عنهم، وأدوها إلى الأمة نقية سليمة، ولله الحمد.
ونحب الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لله وفي الله؛ فحب الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حب الله،