وإذا فهمنا هذه القاعدة، عرفنا ضلال أهل التحريف، الذين زعموا أن الصفات المثبتة تستلزم التمثيل، ثم أخذوا ينفونها فرارًا من التمثيل.

ومثاله: قالوا: لو أثبتنا لله وجهًا، لزم أن يكون مماثلا لأوجه المخلوقين، وحينئذ يجب تأويل معناه إلى معنى آخر لا إلى الوجه الحقيقي.

فنقول لهم: كل ما أثبت الله لنفسه من الصفات، فهو صفة كمال ولا يمكن أبدًا أن يكون فيما أثبته الله لنفسه من الصفات نقص.

ولكن، إذا قال: هل الصفات توقيفية كالأسماء، أو هي اجتهادية، بمعنى أن يصح لنا أن نصف الله سبحانه وتعالى بشيء لم يصف به نفسه؟ .

فالجواب أن نقول: إن الصفات توقيفية على المشهور عند أهل العلم، كالأسماء، فلا تصف الله إلا بما وصف به نفسه.

وحينئذ نقول: الصفات تنقسم إلى ثلاثة أقسام: صفة كمال مطلق، وصفة كمال بقيد، وصفة نقص مطلق.

أما صفة الكمال على الإطلاق، فهي ثابتة لله عز وجل، كالمتكلم، والفعال لما يريد، والقادر. . ونحو ذلك.

وأما صفة الكمال بقيد، فهذه لا يوصف الله بها على الإطلاق إلا مقيدًا، مثل: المكر، والخداع، والاستهزاء. . وما أشبه ذلك، فهذه الصفات كمال بقيد، إذا كانت في مقابلة من يفعلون ذلك، فهي كمال، وإن ذكرت مطلقة، فلا تصح بالنسبة لله عز وجل، ولهذا لا يصح إطلاق وصفه بالماكر أو المستهزئ أو الخادع، بل تقيد فنقول: ماكر بالماكرين، مستهزئ بالمنافقين، خادع للمنافقين، كائد للكافرين، فتقيدها لأنها لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015