ثم رسله صادقون
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فنقول: هل هو صادق؟ فسيقول: هو صادق بلا شك. ولا يستطيع أن يقول: هو غير عالم، أو: غير صادق، ولا أن يقول: عبر بهما وهو يريد غيرهما عيًا وعجزًا، ولا أن يقول: أراد من خلقه أن يؤمنوا بما ليس فيه من الصفات إضلالا لهم! فنقول له: إذًا، ما الذي يمنعك أن تثبت لله اليدين؟! فاستغفر ربك وتب إليه، وقل: آمنت بما أخبر الله به عن نفسه، لأنه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلا، وأحسن حديثًا من غيره وأتم إرادة من غيره أيضًا.
ولهذا أتى المؤلف رحمه الله بهذه الأوصاف الثلاثة ونحن زدنا الوصف الرابع، وهو: إرادة البيان للخلق وإرادة الهداية لهم، لقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [النساء: 26] .
هذا حكم ما أخبر الله به عن نفسه بكلامه الذي هو جامع للكمالات الأربع في الكلام، أما ما أخبرت به الرسل فقال المؤلف: "ثم رسله صادقون مصدقون. . . . ".
الصادق: المخبر بما طابق الواقع، فكل الرسل صادقون فيما أخبروا به ولكن لا بد أن يثبت السند إلى الرسل عليهم السلام، فإذا قالت اليهود: قال موسى كذا وكذا، فلا نقبل، حتى نعلم صحة سنده إلى موسى. وإذا قالت النصارى: قال عيسى كذا وكذا، فلا نقبل، حتى نعلم صحة السند إلى عيسى. وإذا قال قائل: قال محمد رسول الله كذا وكذا، فلا نقبل، حتى نعلم صحة السند إلى محمد.
فرسله صادقون فيما يقولون، فكل ما يخبرون به عن الله وعن غيره من مخلوقاته، فهم صادقون فيه، لا يكذبون أبدًا.
ولهذا أجمع العلماء على أن الرسل عليهم الصلاة والسلام معصومون