بل يؤمنون بأن الله سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وعلى هذا نقول: كل ممثل مكيف، ولا عكس.

الثاني: أن الكيفية لا تكون إلا في الصفة والهيئة، والتمثيل يكون في ذلك وفي العدد؛ كما في قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: 12] ؛ أي: في العدد.

أي: يقر أهل السنة والجماعة بذلك إقرارًا وتصديقًا بأن الله ليس كمثله شيء، كما قال عن نفسه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] ، فهنا نفى المماثلة، ثم أثبت السمع والبصر فنفى العيب، ثم أثبت الكمال؛ لأن نفي العيب قبل إثبات الكمال أحسن، ولهذا يقال: التخلية قبل التحلية. فنفي العيوب يبدأ به أولًا، ثم يذكر إثبات الكمال.

وكلمة شيء نكرة في سياق النفي، فتعم كل شيء، ليس شيء مثله أبدًا عز وجل أي مخلوق وإن عظم؛ فليس مماثلًا لله عز وجل؛ لأن مماثلة الناقص نقص، بل إن طلب المفاضلة بين الناقص والكامل تجعله ناقصًا، كما قيل:

ألم تر أن السيف ينقص قدره ... إذا قيل إن السيف أمضى من العصا

فهنا لو قلنا: إن لله مثيلًا، لزم من ذلك تنقص الله عز وجل، فلهذا نقول: نفى الله عن نفسه مماثلة المخلوقين؛ لأن مماثلة المخلوقين نقص وعيب؛ لأن المخلوق ناقص، وتمثيل الكامل بالناقص يجعله ناقصًا، بل ذكر المفاضلة بينهما يجعله ناقصًا؛ إلا إذا كان في مقام التحدي، كما في قوله تعالى: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ} [النمل: 59] ، وقوله: {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} [البقرة: 140] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015