فأصحابه وهم أشد الناس حبا له وأشد منا تعظيما للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يقومون له لما يرون من كراهيته لذلك وهو حي فكيف بهذه الخيالات؟ !

وهذه البدعة - أعني بدعة المولد - حصلت بعد مضي القرون الثلاثة المفضلة وحصل فيها ما يصحبها من هذه الأمور المنكرة التي تخل بأصل الدين فضلا عما يحصل فيها من الاختلاط بين الرجال والنساء وغير ذلك من المنكرات.

وهؤلاء الذين فعلوا هذه البدعة عند بعضهم حسن نية لكن أرجو منهم أن يتأنوا في الأمر، وأن يتأملوا فيه، هل فعلوا ذلك عبادة لله فليأتوا ببرهانهم أن ذلك من باب التعبد لله، ولماذا لم يتعبد به الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام بعدهم هل أتوا بذلك محبة للرسول عليه الصلاة والسلام، إذا كان كذلك فإن الحبيب يقتدي بحبيبه ولا يتجاوز خطاه. هل أتوا بذلك تعظيما للرسول عليه الصلاة والسلام وهو الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يريد ذلك لنفسه ونهى أمته عن الغلو فيه كما غلت النصارى بعيسى بن مريم (?) . هل قالوا ذلك تقليدا للنصارى حيث كانوا يحتفلون بمولد عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، إذا كان كذلك فالأمر فادح لحديث «من تشبه بقوم فهو منهم» ، والذي يظهر لي والله أعلم أن ذلك من باب مراغمة النصارى لأن النصارى يحدثون احتفالا بمولد عيسى بن مريم، وقالوا: إذًا نحن نضادهم ونوجد احتفالا لنبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويدل على هذا أنهم جعلوا الاحتفال بالمولد وحقيقة الأمر أن النعمة لم تتم إلا برسالته {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا} ، [سورة آل عمران، الآية: 164] وموضع المنة (بعث) وهذا يقرب أن الذي ابتدع هذه البدعة أراد مضادة النصارى، ومشاركتهم في إحداث المولد بعيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، وعلى كل حال فإنني أبين ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015