«يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم -يعني هونوا عليها- إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنما تدعون سميعا بصيرا قريبا، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته، وهو معكم» . (?)

فتأمل كيف بين لهم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معنى هذه الأسماء. قريب سميع بصير. إذا علمت أن الله سميع، هل تقول قولا يغضبه، لا. إذا علمت أنه رحيم تتعرض لرحمته، وإذا علمت أنه غفور تتعرض لمغفرته، وهلم جرا، هذا هو معنى إحصاء أسماء الله عز وجل ولا بد أن تثبت لله كل ما أثبته لنفسه من وصف، وإن شئت فقل: من صفة.

وإن من حق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علينا الذي هو فوق حق الوالدين أن نجرد الاتباع له، بمعنى ألا نتقدم بين يديه، فلا نشرع في دينه ما لم يشرع، ولا نتجاوز ما شرعه، أو نقصر فيه؛ قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [سورة آل عمران، الآية: 31] .

وهذه الآية يسميها السلف آية المحنة: معناها الامتحان؛ لأن قوما زعموا أنهم يحبون الله؛ فوضع الله هذا الميزان، فكلما كان الإنسان أحب لله كان لرسوله أتبع، وكلما ضعف اتباع الرسول فإن محبة الله في القلب ضعيفة.

حتى وإن ادعاها مدعيها، نعم هل من محبة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نتقدم بين يديه ونُحْدِث في دينه ما ليس منه، لا أبدا. ليس هذا من محبة الله، وليس هذا من محبة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن محبة الله عنوانها ودليلها وميزانها أن نتبع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومحبة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من محبة الله، فإذا كانت دعوى محبة الله لا تتحقق إلا باتباع الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن دعوى محبة الرسول لا تتحقق إلا باتباع الرسول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015