ثانيا: ينوي الحفاظ على بقائه وعلى روحه؛ لأن الحفاظ على النفس مأمور به حتى العبادة إذا كان الإنسان مريضا، ويخشى على نفسه إن استعمل هذا الماء أن يتضرر، فإنه يتطهر بالتيمم بالتراب كل ذلك حماية للإنسان من أن يتضرر ويضر نفسه، ولهذا قال العلماء -وصدقوا فيما قالوا-: إن المضطر إلى الطعام والشراب يجب عليه وجوبا أن يأكل حتى من الميتة ولحم الخنزير، يجب أن يأكل إذا خاف على نفسه التلف؛ لأنه واجب عليه أن ينقذ نفسه، إذًا أنوي بالأكل والشرب الحفاظ على نفس فيكون ذلك عبادة.

ثالثا: ينوي بالأكل والشرب التقوي على طاعة الله، فيكون عبادة لأن من القواعد المقررة شرعا أن للوسائل أحكام المقاصد، فإذا كان هذا الأكل والشرب يعينني على طاعة الله فنويت بهذا الاستعانة على طاعة الله صار عبادة.

رابعا: أنوي بالأكل التبسط بنعمة الكريم جلا وعلا؛ لأن الكريم يحب أن يتبسط الناس بكرمه وأضرب مثلا ولله المثل الأعلى؛ لو أن رجلا من الناس كريما قدم طعاما للآكلين هل رغبته أن يرجع الطعام غير مأكول أو أن يأكله الناس؟

يأكله الناس طبعا؛ لأن هذا مقتضى الكرم، فأنا إذا أكلت أنوي التبسط بنعمة الله كان عبادة، فانظر يا أخي كيف كان الطعام الذي تدعو إليه الطبيعة، وتقتضيه العادة، كيف أمكن أن يكون عبادة بحسب الانتباه واليقظة والنية، بينما يأتي الغافل إلى الصلاة، وإلى المسجد على العادة، وإذا أتى على العادة صارت عبادته الآن عادة.

وبهذا يتبين لنا أن توحيد العبادة وتحقيق توحيد العبادة أمر مهم جدا، وهذا ما ندعو إليه أن يحقق الناس العبادة لله وحده.

ولو قال قائل: هل يجوز أن أدعو رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015