عليه وسلم - من الانحناء عند التسليم؛ لأن ذلك خضوع لا ينبغي إلا لله رب العالمين فهو سبحانه وحده الذي يركع له ويسجد، وكان السجود عند التحية جائزا في بعض الشرائع السابقة ولكن هذه الشريعة الكاملة شريعة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منعت منه وحرمته إلا لله وحده.
وفي الحديث «أن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قدم الشام فوجدهم يسجدون لأساقفتهم (زعمائهم) وذلك قبل أن يسلموا، فلما رجع معاذ سجد للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما هذا يا معاذ"؟ فقال: رأيتهم يسجدون لأساقفتهم وأنت أحق أن يسجد لك يا رسول الله يعني أحق من أساقفتهم بالسجود فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها " من عظم حقه عليها.»
وروى النسائي بسند جيد عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن ناسا جاؤوا إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالوا: يا رسول الله! يا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا! فقال: "يا أيها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل» ولقد بلغ من سد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذرائع الشرك ووسائله أن لا يترك في بيته صورة شيء يعبد من دون الله تعالى أو يعظم تعظيم عبادة. ففي صحيح البخاري «عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: لم يكن النبي صلى الله»