فاشكروا الله أيها المسلمون على هذه النعم، اشكروه حق شكره شكرا حقيقيا. فإن الشكر اعتراف العبد بقلبه بنعمة الله وأن يؤمن إيمانا بأن هذه النعم محض فضل من الله تعالى ليس له على الله منة فيها، وإنما المنة لله تعالى فيها عليه. لا يقل كما قال قارون: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} . ولا يقل كما يقول الكافر فيما حكى الله عنه: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} ، أي إنني كفء له ومستحقه أنكر أن يكون من فضل الله عليه.

وإن الشكر أيها المسلمون ثناء على الله بنعمته عليك وحمد له عليها وتحدث بها على سبيل الثناء على الله لا على سبيل الافتخار بها على عباد الله {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} وإن الشكر عمل بطاعة الله فعل لأوامره واجتناب لما نهى عنه. فمتى قام العبد بهذه الأركان الثلاثة فقد شكر الله شكرا حقيقيا. أما إذا كان يعتقد أن ما أصابه من نعم الله فهو مستحق له ولا منة لله عليه فيه، فهذا كافر بنعمة الله معجب بعمله مغرور بنفسه فمن هو حتى لا يكون لله عليه منة. وإذا كان لا يثني على الله بنعمته، فكلما سئل عن حاله صار يتشكى ويتألم ويجحد ما أنعم الله به عليه ورأى أنه قد ظلم حيث لم يحصل له مثل فلان وفلان، فهذا أيضا كافر بنعمة الله عليه محتقر لها وما يدريه لعله لو حصل له ما حصل لفلان لكان سببا لأشره وبطره وإعراضه عن الله. وإذا كان لا يستعين بنعم الله على طاعته بل كانت نعم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015