ولكن ليس ذلك حجة للعاصي على فعل المعصية وذلك لأدلة كثيرة منها:
1 - أن الله أضاف عمل العبد إليه وجعله كسبا له فقال: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} . ولو لم يكن له اختيار في الفعل وقدرة عليه ما نسب إليه.
2 - أن الله أمر العبد ونهاه، ولم يكلفه إلا ما يستطيع لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} . {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} . ولو كان مجبورا على العمل ما كان مستطيعا على الفعل، أو الكف؛ لأن المجبور لا يستطيع التخلص.
3 - أن كل واحد يعلم الفرق بين العمل الاختياري والإجباري، وأن الأول يستطيع التخلص منه.
4 - أن العاصي قبل أن يقدم على المعصية لا يدري ما قدر له، وهو باستطاعته أن يفعل أو يترك، فكيف يسلك الطريق الخطأ ويحتج بالقدر المجهول؟ ! أليس من الأحرى أن يسلك الطريق الصحيح ويقول: هذا ما قدر لي؟ !
5 - أن الله أخبر أنه أرسل الرسل لقطع الحجة: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} . ولو كان القدر حجة للعاصي لم تنقطع بإرسال الرسل.
التوفيق بين كون فعل العبد مخلوقا لله وكونه كسبا للفاعل:
عرفت مما سبق أن فعل العبد مخلوق لله، وأنه كسب للعبد يجازى عليه الحسن بأحسن، والسيئ بمثله فكيف نوفق بينهما؟